الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
وهي على ضربين الضرب الأول الكواكب السبعة السيارة وهي زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر. ويتعلق القول بها من جهة مراتبها واشتقاق أسمائها ومقادير أبعادها من الأرض وقدر محط كل كوكب منها. فأمر القمر فمأخوذ من القمرة وهي البياض سمي بذلك لبياضه وقد تقدم أن فلكه أقرب الأفلاك إلى الأرض وهو المعبر عنه بالسماء الدنيا ودوره ألف ومائة وخمسة وثمانون ميلاً وهو جزء من تسعة وثلاثين جزاءاً من الأرض وبعده عن الأرض مائة ألف وسبعة آلاف وخمسمائة وتسعون ميلاً. وهو يسمى هلالاً الليلة الأولى والثانية والثالثة ثم هو قمر إلى آخر الشهر. ويسمى في ليلة أربع عشرة: بالبدر قيل لمبادرته الشمس قبل الغروب وقيل لتمامه وامتلائه كما قيل لعشرة آلاف: بدرة لأنها تمام العدد ومنتهاه. ويستسر ليلة في آخر الشهر وربما استسر ليلتين فلا يرى بمعنى أنه يختفي فلا يرى ويسمى هذا الاختفاء السرار. وأما عطارد فمعناه النافذ في الأمور ولذلك سمي الكاتب وهو في الفلك الثاني بعد فلك القمر ودور قرصه سبعمائة وعشرون ميلاً وهو جزء من اثنين وعشرين جزءاً من الأرض وبعد ما بينه وبين الأرض مائتا ألف وخمسة آلاف وثمانمائة ميل. وأما الزهرة فمأخوذة من الزاهر وهو الأبيض سميت بذلك لبياضها وهي في الفلك الثالث من القمر ودور قرصها ستة آلافٍ وسبعة أربعون ميلاً وهي جزء من ستة وثلاثين جزءاً من الأرض وبعدها عن الأرض خمسمائة ألف وخمسة وثلاثون ألفاً وستمائة وأربعة عشر ميلاً. وأما الشمس فسميت بذلك لشبهها بالشمسة وهي الواسطة التي في المخنقة لأن الشمس واسطة بين ثلاثة كواكب سفلية وهي القمر وعطارد والزهرة وبين ثلاثة علوية وهي المريخ والمشتري وزحل وذلك أنها في الفلك الرابع من القمر ودور قرصها مائة ألف وثمانمائة ميلاً ويه مائة وست وستون مرةً وربع ثمن مرة وبعدها عن الأرض ثلاثة آلاف وخمسة آلاف واثنان وتسعون ألفاً ومائة وثلاثةً وأربعون ميلاً. وأما المريخ فمأخوذ من المرخ وهو شجر تحتك أغصانه فتوري النار فسمي بذلك لشبهه بالنار في احمراره وقيل: المريخ في اللغة هو السهم الذي لا ريش له والسهم الذي لا ريش له يلتوي في سيره فسمي النجم المذكرو بذلك لكثرة التوائه في سيره وهو في الفلك الخامس من القمر وهو مثل الأرض مرة ونصفاً وبعده عن الأرض ثلاثة آلاف وتسعمائة ألف واثنا عشر ألفاً وثمانمائة وستة وستون ميلاً. وأما المشتري فسمي بذلك لحسنه كأنه اشترى الحسن لنفسه وقيل: لأنه نجم الشراء والبيع عندهم وهو في الفلك السادس من القمر ودور قرصه أحد وتسعون ألفاً وتسعمائة وتسعة وسبعون ميلاً وهو مثل الأرض خمس وسبعون مرة ونصف وثمن مرةٍ وبعده عن الأرض ثمانية وعشرون ألف ألف وأربعمائة ألف وثمانية وستون ألفاً ومائتا ميل. وأما زحل فمأخوذ منزحل إذا ابطأ سمي بذلك لبطئه في سيره وقد فسر به بعض المفسرين قوله تعالى: " النجم الثاقب " ودور قرصه تسعون ألفاً وسبعمائة وتسعة عشر ميلاً وبعده عن الأرض ستة وأربعون ألف ألفٍ ومائتا ألف وسبعمائة وسبعة وسبعون ميلاً وأهل المغرب والفرس يسمون الكواكب السبعة بأسماء بلغتهم فيسمون زحل كيوان والمشتري تير والمريخ بهرام والشمس مهر والزهرة أنا هيد وعطارد هرمس و القمر ماه. واعلم أن لكل من هذه الكواكب السبعة حركتين: إحداهما قسرية وهي حركته بحركة فلك الكل في اليوم والليلة حركةً تامةً وتسمى الحركة السريعة. والثانية حركة ذاتية يتحرك فيها هو بنفسه من المغرب إلى المشرق وتسمى الحركة البطيئة. ويخلف الحال فيها بالسير باختلاف الكواكب فلكل واحد منها سير يخصه وهذه الحركة في القمر أبين لسرعة سيره إذ يقطع الفلك بالسير من المغرب إلى المشرق في كل ثمانية وعشرين يوماً مرة. وقد مثل القدماء من الحكماء الحركتين المذكورتين بمثالين: أحدهما بحركة السفينة براكبها إلى جهة جريان الماء وتحرك الراكب فيها إلى خلاف تلك الجهة. والثاني تحرك نملة تدب على دولاب إلى ذات الشمال والدولاب يدور إلى ذات اليمين. الضرب الثاني الكواكب الثابتة وهي الكواكب التي في الفلك الثامن على رأي علماء الهيئة وسميت ثابتة لأنها ثابتة بمكانها من الفلك لا تتحرك من المغرب إلى المشرق كما تتحرك السبعة السيارة إلا حركة يسيرة جداً وإنما تتحرك بحسب حركة فلك الكل بها من المشرق إلى المغرب في اليوم والليلة والذي يحتاج إلى ذكره منها الكواكب المشهورة مما تتعرف به الأزمنة على ما تقدم ذكره او ما يدخل تحت الوصف والتشبيه. وهي ثلاثة أصناف: الصنف الأول نجوم البروج التي تنتقل فيها الشمس في فصول السنة وهي اثنتا عشرة صورة في اثني عشر برجاً بعضها من منازل القمر وبعضها من صور أخرى جنوبية وشمالية وبعضها من كواكب متفرقة لا تنسب إلى صورة. الأول الحمل وهو الكبش وهو صورة كبش على خط وسط السماء مقدمه في المغرب ومؤخره للمشرق وأول ما يطلع منه فمه وهو الكوكب الجنوبي المنفرد من الكوكبين الشماليين من مفصل اليد من الشرطين وعلى قرنيه الكوكبان الجنوبيان المقتربان من الشرطين وعلى عينه اليمنى الكوكب الشمالي المضيء من الشرطين وعلى عينه اليسرى كوكب خفي بقرب الشمالي من الشرطين وعلى لحييها خر مثله وعلى مفصل يده الكوكبان الشماليان اللذان على عقب الرجل اليسرى من الثريا وهو الذي يقال له الطين ويده وساقاه ممتدان إلى الشمال وكأنه إنما يظهر منه يد واحدة ورجل واحدة والثريا على طرف أليته. الثاني الثور وهو صورة ثور على خط السماء مقدمه إلى المشرق ومؤخره إلى المغرب وظهره إلى الشمال ويداه ورجلاه إلى الجنوب وعلى مؤخره أربعة كواكب تسمى القطع أي هي موضع ذنبه المقطوع والدبران وجهه وركن الدبران فمه والكوكب المضيء الذي في الدبران عينه وكوكبان خارجان عن الدبران فردة قرنه وقرنه الآخر كوكب متباعد عن الدبران نفسه إلى الشمال وليس وجهه مستوياً ولكنه شبيه بالمقطوع الذي جعل خده على رأس عنقه ويداه منحطتان إلى الجنوب ويظهر منه رجل واحدة ويدان وذنبه أبتر والثريا خارجة عنه إلى الشمال وكذلك اللطخة و هي ثلاثة أنجم تشبه الثريا بين الثريا والدبران وليستا من صورته. الثالث التوأم: وهو المعبر عنه في ألسنة الناس بالجوزاء. قال الحسين بن يونس الحاسب في كتابه في هيئة الصور الفلكية: والناس مخطئون في ذلك وإنما الجوزاء هي الصورة المعروفة بالجبار في الصور الجنوبية وقدم التوأم الأيمن بعض كواكب الجبار التي على تاجه. قال: والتوأم على خط وسط السماء جسدان ملتصقان برأسين يظهر لكل واحد منهما يد واحدة ورجل واحدة والرأسان في جهة المشرق ورجلاهما في جهة المغرب والذراع الشامي هو الرأسان ويده اليمنى وهي التي في جهة الشمال هي الذرا اليماني والمضيء من الذراع اليماني يسمى الشعرى الغميصاء و يده اليسرى ممتدة إلى التوابع. الرابع السرطان: وهو صورة سرطان على وسط السماء رأسه إلى الشمال ومؤخره إلى الجنوب والنثرة على صدره وعيناه كوكبان خفيان تحت النثرة يدعيان بالحمارين و زباناه كوكبان فيهما خفاء وأحدهما أضوأ من الآخر يكونان شماليين من التوأم ومؤخره كف الأسد. الخامس الأسد في وسط السماء فمه مفتوح إلى النثرة و على رأسه كواكب مضيئة والطرف على عنقه والجبهة على صدره وقلبه الكوكب الجنوبي المضيء من النثرة وهو عظيم النور وكاهله كواكب خفية خارجة عن الطرف والجبهة إلى الشمال والخراتان خاصرته و الصرفة ذنبه وكفه المتقدمة في آخر السرطان وكفه الأخرى بعد هذه الكف إلى المشرق ورجله الأولى تخرج من الكوكب القبلي من الخراتين إلى الجنوب والأخرى تحت هذه للمشرق وكبده كوكب يتوسط مع الجبهة شمالي منها وسائر فقاراته إلى المشرق. السادس العذراء في وسط السماء. قال حسين بن يونس: والعرب تسميها السنبلة وهو خطأ وإنما هي حاملة السنبلة ورأسها في الشمال بميلة إلى المغرب ورجلاها في الجنوب وهي مستقبلة المشرق وظهرها إلى المغرب. قال: ورأسها كواكب صغار مستديرة كاستدارة رأس الإنسان تكون جنوبية من كوكبي الخراتين ومنكباها أربعة كواكب تحت هذه إلى الشرق وجناحها الأيمن ستة كواكب كهيئة الجناح. السابع الميزان وهو صورة ميزان كفتاها إلى جهة المشرق وقبها إلى جهة المغرب و السماك الأعزل على قبها من الجهة اليمنى ومقابله كوكب آخر على قبها من الجهة الشمالية وكوكب آخر من وسطها إلى المغرب على علاقتها وهو على قصبة السنبلة وكوكبان من الغفر على محامله مع كواكب أخر وزبانيا العقرب كفتاه. الثامن العقرب وهو صورة عقرب على وسط السماء رأسه في المغرب وذنبه في المشرق وإحدى رجليه في الجنوب والأخرى في الشمال والغفر على رأسه والزبانيان اللذان هما كفتا الميزان زبانياه وعيناه كوكبان خفياه فيما بينهما وبين الإكليل والإكليل على صدره والقلب هو قلبه ونياط القلب كوكبان خفيان والقلب في وسطهما وهو خارج عنهما إلى الشمال و الشولة ذنبه والكواكب التي على طرفها جبهته وإبرته لطخة مستطيلة فيما بين الشولة و النعائم الصادرة ففيه من منازل القمر خمس منازل وهي الغفر والزبانيان والإكليل والقلب و الشولة وأطهر ما تكون صورة العقرب وهو على الأنف عند الغروب ففيه من منازل القمر ثلاث منازل: الإكليل والقلب و الشولة. التاسع القوس ويسمى الرامي ونجوم هذا البرج نصفه شبه فرس وهو مؤخره إلى جهة المغرب ونصفه وجه إنسان تقوس وهو في جهة المشرق ورأسه في الشمال ورجلاه في الجنوب والنعائم الواردة على وسطه وهو على الجسد الذي يشبه بدن القوس وذنبه يشبه لطخة مستطيلة مع كوكب صغير تحتها والكواكب رعبان أي النعائم والبلدة على مقبض القوس ويده اليمنى قابضة على رأس السهم وهي كواكب تكون تحت لطخة صغيرة قريبة منها. العاشر الجدي: وهو صورة جدي مستلق على ظهره مقدمه في المغرب ومؤخره في المشرق وظهره للجنوب ويداه ورجلاه إلى الشمال وهو شبيه بالمنقلب إلى القوس وقرناه إلى بطنه وفمه إلى القوس وليس له إلا يد واحدة والكوكب الشمالي من سعدى الذابح أحد قرنيه والجنوبي منه قرنه الآخر وكوكب آخر خفي تحت سهم القوس غربي سعد الذابح فمه وعلى كتفيه سعد بلع وعلى وركه سعد السعود و المضيئ من سعد السعود حق وركه وشق الحوت الجنوبي على ظهره وطرف يده ثلاثة كواكب مضيئة بقرب اللامح فيها خفاء وطرف رجله الكوكب المسمى رأس الدلو. الحادي عشر الدلو وهو صورة رجل قائم بيده دلو رأسه إلى الشمال ورجلاه إلى الجنوب وظهره إلى المشرق ووجهه إلى المغرب والكواكب التي تسمى الخباء من سعد الخبية رأسه ويده اليسرى ن فوق رأسه حتى تنزل إلى الدلو الذي عن يمينه وسعد الأخبية مرفقه الأيسر وبطنه يسمى الجرة ودلوه أربعة سعود من السعود السبعة التي ليست من منازل القمر هي سعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الماتح و كل سعد منها كوكبان وعلى رجله اليسرى كوكب عظيم النور وعلى رجله اليمنى كوكب أبيض يقرب في المظم من الذي قبله والفرع المقدم خارج عن صورته إلى الشمال. الثاني عشر الحوت: وهو صورة سمكتين إحداهما المنزلة التي تسميها أصحاب المنازل بطن الحوت وهي شمالية والثانية جنوبية عنها وهي أطول منها وأخفى الكواكب والكواكب السبعة السيارة ترسم الجنوبية منهما بمسيرهن وشق السمكة الجنوبية ثلاثة من السعود السبعة التي من غير منازل القمر هي سعد الهمام وسعد البارع وسعد الماطر وليس الفرغ المؤخر في جسم الحوت بل خارج عنه إلى الشمال والمغرب. الصنف الثاني نجوم منازل القمر التي ينتقل فيها القمر من أول الشهر إلى الثامن والعشرين منه وهي ثمان وعشرون منزلة يداخل أكثرها صور البروج عشر المتقدمة. الأولى الشرطان والشرطان تثنية شرط وهو العلامة كأنه سمي بذلك لكونه علامة ً على طلوع الفجر عند طلوعه وتسمى أيضاً النطح والناطح لأنها عند أصحاب الصور قرنا الحمل وهما كوكبان نيران بينهما قاب قوسين أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب إلى الجانب الجنوبي ومنها كوكب ألطف منه يعد معه أحياناً ولذلك يسمي بعضهم هذه المنزلة الأشراط على الجمع لا على التثنية وهذه الثلاثة الكواكب إذا ظهرت في المشرق كأنها مقلوبة منكسة وواحد منها أحمر مضيء وتحته آخر خفي والثالث في الشمال وهو أحمر مضيء. الثانية البطين تصغير بطن وإنما صغر فرقاً بينه وبين بطن الحوت الآتي ذكره في جملة المنازل والبطين ثلاثة كواكب مثل أثافي القدر: وهي الشكل المثلث الذي ينصب عليه القدر عند الطبخ وهي على القرب منها في موضع بطن الحمل من الصورة وواحد منها مضيء واثنان خفيان والخفيان يطلعان قبل المضيء. الثالثة الثريا ويسمى النجم علماً عليها وبه فسر قوله تعالى: قال ابن يونس: وليست من صورة الثور وبعضهم يسميها ألية الحمل لقربها الرابعة الدبران ويسمى تالي النجم لكونه يطلع تلو الثريا وربما سمي حادي النجم لذلك ويسمى أيضاً المجدح وعين الثور وهذه المنزلة سبعة أنجم تشبه شكل الدال واحد منها مضيء أحمر عظيم النور واسم الدبران واقع عليه في الأصل ثم غلب عليه وعلى باقي المنزلة. هذه الكواكب السبعة عند أصحاب الصور هي رأس الثور وأول ما يطلع منه طرف الدال ويكون رميها إلى الجنوب وفتحها إلى الشمال والكوكب الأحمر المضيء هو آخر ما يطلع منها والعرب تقول للكوكبين القريبين منه: كلباه والباقي غنمه وربما قالولك قلاصه ويقولون في خرافاتهم: إن الدبران خطب الثريا إلى القمر فقالت: ما أصنع بسبروت فساق إليها الكواكب المسماة با لقلاص مهراً فهربت منه فهو يطلبها أبداً ولا يزال تابعاً لها ومن ثم قالوا في أمثالهم: أوفى من الحادي وأغدر من الثريا. الخامسة الهقعة سميت بذلك تشبيهاً بدائرة تكون في عنق الفرس وقد مر القول عليها في الكلام على أوصاف الخيل وهي ثلاثة كواكب محابية صغار تسمى الأثافي وهي على أعلى القدم اليسرة من التوأم المعبر عنه بالجوزاء. السادسة الهنعة وهي خمسة أنجم على شكل الصولجان أربعة منها على خط مستقيم الثالث منها يسمى قوس الجوزاء والخامس منعطف إلى جهة الجنوب مقدار شبر في رأي العين وسميت هنعة لانعطافها أخذاً من قولهم: هنعت الشيء إذا عطفته وبعضهم يسميها التحية وهي عند أصحاب الصور خلاف لأحد التوأمين المعبر عنهما بالجوزاء يقال: الهنعة قوس الجوزاء يرمى بها ذراع الأسد وقائل ذلك يزعم أنها ثمانية أنجم في صورة قوس من مقبضها النجمان اللذان يقال لهما: الهنعة وبعضهم يقول: إن الهنعة كوكبان مقترنان الشمالي منهما أضوؤهما وحذاءهما ثلاثة كواكب تسمى التحايي ربما عدل القمر فنزل بها. السابعة الذراع: وهي كوكبان: أحدهما نير والآخر مظلم وبينهما قدر سوط في رأي العين وفيما بينهما كواكب صغار تسميها العرب الأظفار وسميت هذه المنزلة بالذراع لأنها عندهم ذراع الأسد وللأسد ذراعان مقبوضة وفيها ينزل القمر وهي جنوبية وسميت مقبوضة لأن الأخرى أرفع منها في السماء ولهذا سميت مبسوطة وهي مثلها في الصورة وأصحاب الصور يجعلون هذه الذراع في صورة الكلب الأصغر وربما عدل القمر عن المقبوضة فنزل بها. الثامنة النثرة وهي لطخة كقطعة سحاب يجعلها أصحاب الصور على صدر السرطان وسميت نثرة لأن ألى جانبها نجمين صغيرين هما عند العرب على منخري الأسد وتسميهما الحمارين وقيل إنها لما كانت أمام جبهة الأسد شبهت بشيء نثره من أنفه ويقال إنها فم الأسد ومنخراه وتسمى اللهاة أيضاً وتشبه بالمعلف. التاسعة الطرف وهي كوكبان خفيان مقترنان بين يدي الجبهة سميا بذلك لموقعهما موقع عيني الأسد وقدامهما ستة كواكب صغار تسميها العرب الأشفار اثنان منها في نسق الطرف والأربعة البواقي بين يديه. العاشرة الجبهة ثلاثة كواكب نيرة قد عدل أوسطها إلى الشرق فهي لذلك على شكل مثلث مستطيل القاعدة قصير الساقين و إلى الجنوب عنها نجم أحمر مضيء جداً يسمى قلب الأسد يرسمه المنجمون في الإسطرلاب وأصحاب الصور يجعلون الجبهة على كتف الأسد. الحادية عشرة الخراتان وتسمى الزبرة وعرف الأسد والزبرتين وهما كوكبان نيران بينهما في رأي العين مقدار ذراعين وهما معترضان ما بين المشرق والمغرب يمتدان عند التوسط مع خط الاستواء وسميا الخراتين تشبيهاً بثقبين في السماء ومنه خرت الإبرة وتحت هذين النجمين تسعة أنجم صغار. وسميت الزبرة لشعر يكون فوق ظهر الأسد مما يلي خاصرته وعدوا الجميع أحد عشر كوكباً منها نجمان هما الخراتان والتسعة الشعر. الثانية عشرة الصرفة وهي كوكب نير وهو عند أصحاب الصور قنب الأسد والقنب: وعاء القضيب وبالقرب من هذا الكوكب سبعة أنجم صغار طمس ملاصقة له وسمي هذا الكوكب بالصرفة لانصراف الحر عند طلوعه مع الفجر من المشرق وانصراف البرد إذا غرب مع الشمس ويقال الصرفة ناب الدهر لأنها تفتر عن فصل الزمانين ويشكل مع الخراتين مثلثاً له زاوية قائمة وإحدى ساقيه أطول من الأخرى وفي قاعدته قصر. الثالثة عشرة العواء وهي خمسة كواكب نيرة على شكل لام وكان اعتبر ابتداؤها من الشمال وعطفها من جهة الجنوب لكن المصطف منها أربعة والمنعطف واحد ويقال لها أيضاً وركا الأسد وتشبهها العرب بكلاب تعوي خلف الأسد لأنها وراءه ولذلك سميت العوا وأصحاب الصور يجعلونها في السنبلة على صدرها. الرابعة عشرة السماك وهو السماك الأعزل: وهو كوكب نير يميل لونه إلى الزرقة وسمي سماكاً لكونه قريباً من سمت الرأس وسمت الرأس أعلى ما يكون من الفلك وسمته العرب الأعزل لأنه يطلع إلى جانبه نجم مضيء يسمونه السماك الرامح لكوكب صغير بين يديه والأعزل لا شيء بين يديه ففرق بينهما وأحدهما جنوبي وهو المنزلة وأصحاب الصور يثبتون السماكين: الأعزل والرامح في صورة العذراء وهي السنبلة والعرب تجعلها ساقي الأسد وربما عدل القمر فنزل بعجز الأسد وهو أربعة كواكب بين يدي السماك الأعزل يقال لها عرش السماك وتسمى أيضاً الخباء والأحمال والغراب وهذه المنزلة حد ما بين المنازل اليمانية والمنازل الشامية فما كان أسفل من مطلعه فهو يماني وهو شق الجنوب وما كان فوقه فهو شامي وهو شق الشمال. الخامسة عشرة الغفر ثلاثة كواكب خفية على خط فيه تقويس وسميت بذلك لخفائها مأخوذة من المغفرة التي تستر الذنب وتخفيه يوم القيامة ومنه المغفر الذي فوق الرأس وقيل لأنها زبانى العقرب وقيل مأخوذة من الغفرة وهي الشعر الذي في طرف ذنب الأسد وأصحاب الصور يجعلونها بين ساقي الأسد. السادسة عشرة الزبانان وهما كوكبان نيران هما عند العرب يد العقرب يترس بهما: أي يدفع عن نفسه وأصحاب الصور يجعلونهما كفتي الميزان وبينهما في رأي العين قدر قامة الرجل. السابعة عشرة الإكليل وهو ثلاثة كواكب مجتمعة في خفاء الغفر مصطفة معترضة بين كل كوكب وكوكب منها قدر ذراع في رأي العين سميت بذلك لأنها فوق جبهة العقرب كالتاج وهي عند أصحاب الصور على عمود الميزان. الثامنة عشرة القلب وهو كوكب أحمر نير مضطرب قريب من الجبهة بين كوكبين خفيين تسميهما العرب نياطي القلب أي علاقتيه وسمته أصحاب الصور قلباً لوقوعه موضع القلب من صورة العقرب والقلوب أربعة هذا أحدها والثاني قلب السمكة والثالث قلب الثور والرابع قلب الأسد. وحيث ذكر القلب على الإطلاق دون إضافة فالمراد قلب العقرب هذا. التاسع عشرة الشولة وهي كواكب متقاطرة على تقويس في برج العقرب أشبه شيء بذنب العقرب إذا شالته ولذلك سميت الشولة وفي الشولة كوكبان خفيان ملتصقان يظهران كأنهما كوكب واحد مشقوق يسميان الإبرة والحمة وخلفهما نجم صغير لا يزايلهما يقال له التابع. وقال قوم: إنما ينزل القرم الشولة على المحاذاة ولا ينحط إليها لأنها منحدرة عن طريقه وربما نزل بالسفار فيما بين القلب والشولة وهي ستة كواكب بيض منعطفة. العشرون النعائم وكواكبها ثمانية منها أربعة يمانية نيرة تشكل مربعاً فيه أطراف تسمى الواردة وهي المنزلة وسميت واردة: لأنها لما كانت قريبة من المجرة شبهت بنعام وردت نهراً والأربعة الأخرى تسمى النعائم الصادرة لأنها لما كانت بعيدة من المجرة شبهت بنعام وردت ثم صدرت والواردة التي هي المنزلة عند أصحاب الصور واقعة في يد الرامي الذي يجذب بها القوس. الحادية والعشرون البلدة وهي فرجة في السماء مستديرة شبه الرقعة ليس فيها كوكب والبلدة في كلام العرب الفرجة من الأرض ويقال لصدر الإنسان: البلدة لأنها قطعة مستطيلة ويدل عليها ست كواكب مستديرة صغار خفية تشبة القوس وبعضهم يسميها الأدحي لأن بالقرب منها كواكب تسميها العرب البيض لقربها من النعائم وربما عدل القمر فنزل بالأدحي وأصحاب الصور يجعلون البلدة على جبهة الرامي. الثانية والعشرون سعد الذابح وهو كوكبان صغيران بينهما في رأي العين أقل من قدر ذراع أحدهما مرتفع في ناحية الشمال والآخر منخفض في ناحية الجنوب سمي سعداً لانهما الأمطار في أيام طلوعه وسمي ذابحاً لقوة البرد في إبان طلوعه فتموت المواشي ببرده وقيل سمي ذابحاً لأن بالقرب من نجمع الشمالي نجماً صغيراً كأنه ملتصق به تقول العرب: هو شاته التي تذبح ولذلك جعلوا الذابح صفة لسعد بخلاف سائر السعود فإنها يضاف إليها ما بعدها كما قاله الزجاج في مقدمة أدب الكاتب وأصحاب الصور يثبتون هذا السعد في موضع قرني الجدي من الصورة. الثالثة والشعرون سعد بلغ وهو نجمان أيضاً يشبهان سعداً الذابح في المسافة التي بينهما لكن أحد الكوكبين خفي وهو الذي بلعه وهذا السعد عند أصحاب الصور على كعب ساكب الماء القريب من صورة الدلو وسمي بلغ لأنه في أيام طلوعه تغيض الأنهار وتزيد الآبار فكأن الأرض ابتلعت ماءها وقيل لأنه يطلع في الوقت الذي قيل فيه يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي زمن نوحٍ )عليه السلام(. الرابعة والعشرون سعد السعود وعدته كوكبان أيضاً على ما تقدم في السعدين من البعد وقيل هو ثلاثة كواكب أحدها نير والآخران دونه في النور وأصحاب الصور يثبتونه على صدر ساكب الماء القريب من صورة الدلو وربما قصر القمر فنزل سعد ناشرة وهو أسفل من سعد السعود ويسمي أصحاب الصور نجميه بالمحبين وهما في مؤخر الجدي ومنهم من يثبت سعد الخامسة والعشرون سعد الأخبية والناس مختلفون فيه فمنهم من يقول إنه كوكب واحد حوله ثلاثة كواكب مثلثة تشبه رجل بطةٍ والكواكب هو السعد والثلاثة الخباء ومنهم من يجعل الكواكب الذي في وسط الثلاثة عمود الخباء وهو عند أصحاب الصور على الكتف الشرقية من جسد ساكب الماء وسمي سعد الآخبية لخروج المخبات فيه من الثمار والحشرات وكانت العرب تتبرك به لا خضرار العود فيه. السادسة والعشرون الفرغ المقدم ويقال فيه مقدم الدلو والفرغ الأول والفرغ الأعلى وعرقوة الدلو العليا وهو كوكبان نيران بينهما في رأي العين نحو من خمسة أذرع وأصحاب الصور يزعمون أن الشمالي منهما على متن الفرس. السابعة والعشرون الفرغ المؤخر ويقال له مؤخر الدلو السفلي وهو كوكبان يشبهان ما تقدم أحدهما شمالي والآخر جنوبي وهما عند أصحاب الصور على مؤخر الفرس وربما قصر القمر فنزل في الكرب الذي في وسط العراقي وربما نزل ببلدة الثعلب. الثامنة والعشرون الحوت وهو آخر المنازل ويقال لها السمكة وتسمى الرشاء أيضاً وهي ثمانية عشر كوكباً تشكل شكل سمكة رأسها في جهة الشمال وذنبها في جهة الجنوب وفي الشرقي منها كوكب نير يسمى سرة الحوت وبطن الحوت وبطن السمكة وقلب السمكة وربما عدل القمر فنزل بالسمكة الصغرى وهي من السمكة الكبرى في الشمال مثل صورتها إلا أنها أعرض منها وأقصر وأصحاب الصور يجعلون الكوكب النير من الحوت في حد المرأة المسلسلة ورأسها هو الشمالي من الفرع المؤخر. الصنف الثالث من النجوم الثواتب ما ليس داخلاً في شيء من البروومنازل القمر مما هو مشهورمما ذكرته العرب في شعرها وشبهت به وضربت به الأمثال وهي عدة نجوم: منها بنات نعش وهي شبعة أنجم على القرب من القطب الشمالي ومنها أربعة في صورة نعش وثلاثة أمامه مستطيلة وهي المعبر عنها بالبنات وتعرف هذه ببنات نعش الكبرى وبالقرب منها سبعة أنجم على شكلها. ومنها الجدي الذي تعرف به القبلة وهو نجم صغير على القرب من القطب الشمالي يستدل به على موضع القطب ويقال له جدي بنات نعش الصغرى. ومنها الفرقدان وهما كوكبان متقاربان معدودان في بنات نعش. ومنها السها وهو كوكب خفي في بنات نعش الكبرى والناس يمتحنون به أبصارهم لخفائه. ومنها السماك الرامح وهو غير الأعزل المقدم ذكره في منازل القمر سمي رامحاً لكوكب يقدمه تقول العرب: هو رمحه بخلاف الأعزل فإنه الذي لا رمح معه. ومنها النسر الواقع وهو ثلاثة أنجم كأنها أثافي سمي الواقع لأنهم يجعلون اثنين منه جناحيه ويقولون: قد ضمهما إليه كأنه طائر وقع. ومنها النسر الطائر سمي بذلك لأنهم يجعلون اثنين منه جناحيه ويقولونك قد بسطهما كأنه طائر والعامة تسميه الميزان. ومنها الكف الخضيب وهو كف الثريا المبسوطة ولها كف أخرى يقال لها الجذماء وهي أسفل من الشرطين. ومنها العيوق وهو في طرف المجرة الأيمن وعلى أثره ثلاثة كواكب بينه يقال لها الأقلام وهي من مواقع العيوق. ومنها سهيل وهو كوكب أحمر منفرد عن الكواكب ولقربه من الأفق كأنه أبداً يضطرب وهو من الكواكب اليمانية قال ابن قتيبة: وطلعه عن يسار مستقبل قبلة العراق. قال: وهو يرى في جميع أرض العرب ولا يرى في شيء من بلاد أرمينية. ومنها الشعريان: العبور وكانت تعبد في الجاهلية بقوله تعالى: ومنها سعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الهمام وسعد البارع وسعد مطر وكل سعد منها كوكبان بين كل كوكبين في رأي العين قدر ذراع فهي متناسقة وهي السعود الستة غير السعود الأربعة المتقدمة في منازل القمر تكون جملة السعود عشرة. فإذا عرف الكاتب أحوال الأفلاك والكواكب وأسماءها وصفاتها عرف كيف يصفها عند احتياجه إلى وصفها وكيبف يعبر عنها عند جريان ذكرها كما قال بعضهم يمدح بعض الرؤساء: لا زلت تبقى وترقى للعلا أبداً ما دام للسبعة الأفلاك أحكام مهر وماه وكيوان وتير معاً وهومس وأناهيد وبهرام مشيراً بذلك إلى ذكر الأفلاك السبعة ومالها من الكواكب السبعة السيارة بالأسماء الفارسية المقدم ذكرها. وإن علاني من دوني فلا عجب لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل مشيراً إلى كون فلك زحل أعلى من فلك الشمس لما تقدم أنها في الرابع وهو في السابع. وكما قال بعضهم يصف خضرة السماء وما لها من الكواكب: بساط زمرد نثرت عليه دنانير يخالطها دراهم وكما قال ذو الرمة وقد ذكر الثريا: يدق على آثارها دبرانها فلا هو مسبوق ولا هو يلحق بعشرين من صغرى النجوم كأنها وإياه في الخضراء لو كان ينطق قلاص حداها راكب متعمم إلى الماء من جوز التنوفة مطلق مشيراً إلى ما تقدم من خطبة الدبران الثريا وهربها منه وإمهاره إياها بالقلائص هي النجوم التي حولها. وكما قال أبو الفرج البيغا ذاكراً حال مختفٍ يرجى له الظهور: ستخلص من هذا السرار وأيما هلال توارى في السرار فما خلص مشيراً بذلك إلى حالة تواري القمر حالة السرار ثم خلوصه عند إهلاله.
الصنف الأول الريح وهي مؤنثة يقال هبت الريح تهب هبوباً وتجمع على رياح وقد دل الاستقراء على أنها حيث وردت في القرآن الكريم في معرض العذاب كانت بلفظ الإفراد وحيث وردت في معرض الرحمة كانت بلفظ الجمع. قال تعالى في جانب العذاب: ومن ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح قال: " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " وقد ورد القرآن الكريم بأن الله تعالى هو الذي يرسلها قال تعالى: وذهبت الفلاسفة إلى أنها تحدث عن الطبيعة وأن سبب ذلك دخان يرتفع من الأرض فيضربه البرد في ارتفاعه فيتنكس ويتحامل على الهواء ويحركه الهواء بشدة فيحصل الريح. وأصول الرياح أربع: الأولى الصبا: وهي التي تأتي من المشرق وتسمى القبول أيضاً لأنها في مقابلة مستقبل المشرق. قال في صناعة الكتاب: وأهل مصر يسمونها الشرقية لأنها تأتي من مشرق الشمس وهي التي نصر بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب كما أخبر صلى الله عليه وسلم بقوله: " نصرت بالصبا ". الثانبة الدبور: ومهبها من مغرب الشمس إلى حد القطب الجنوبي وسميت الدبور لأن مستقبل المشرق يستدبرها وتسمى الغربية لهبوبها من جهة المغرب وبها هلكت عاد كما أخبر عليه السلام بقوله: " وأهلكت عاد بالدبور ". الثالثة " الشمال ": ويقال فيها شمال وشمال وشامل وشأمل مهموزا وغير مهموز ومهبها من حد القطب الشمالي إلى مغرب الشمس وسميت شمالاً لأنها على شمال من استقبل المشرق. قال في صناعة الكتاب: وتسمى البحرية لأنها يسار بها في البحر على كل حال. الرابعة " الجنو بية ": ومهبها من حد القطب الأسفل إلى مطلع الشمس وتسمى بالديار المصرية: القبلية لأنها تأتي من القبلة فيها وتسمى بها أيضاً المريسية لأن في الجهة القبلية بلاد المريس وهم ضرب من السودان وهي أردأ الرياح عند أه مصر. وقال النحاس: وكل ريح جاءت من مهبي ريحين تسمى النكباء سميت بذلك لأنها نكبت عن مهاب هذه الرياح وعدلت عنها. قال في " فقه اللغة ": وإذا جاءت بنفسٍ ضعيف وروح فهي النسيم وإن ابتدأت بشدة قيل لها: النافجة فإن حركت الأغصان تحريكاً شديداً وقلعت الأشجار قيل: زعزع فإن جاءت بالحصباء قيل: حاصبة فإذا هبت من الأرض كالعمود نحو السماء قيل لها: إعصار. وقد ورد بها القرآن في قوله تعالى: " فأصابها إعصار فيه نار " والعامة تسميها: الزوبعة ويزعمون أن الشيطان هو الذي يثيرها ومن ثم سماها الترك نعيم بك يعني الشيطان فإذا كانت باردة فهي: الصرصر. وقد وقع ذكرها في قوله تعالى: " إنا أرسلنا عليهم ريحاً صراصراً " فإذا لم تلقح شجراً ولم تحمل مطراً فهي العقيم. وقد قال تعالى في قصة عاد: الصنف الثاني السحاب وهو الأجرام التي تحمل المطر بين السماء والأرض ينشئها الله سبحانه وتعالى كما أخبر بقوله: " وينشيء السحاب الثقال " ويسوقها إلى حيث يشاء كما ثبت في الصحيح أن رجلاً سمع صوتاً من سحابة: اسق حديقة فلان. وذهب الحكماء إلى أنه بخار متصاعد من الأرض مرتفع من الطبقة الحارة إلى الطبقة الباردة فيثقل ويتكاثف ويتعقد فيصير سحاباً. قال الثعالبي في " فقه اللغة " وأول ما ينشأ يقال له: النشء فإذا انسحب في الهواء قيل له: وقد أخبر تعالى عن قوم عاد بقوله: وقد أولع أهل النظم والنثر بوصفه وتشبيهه. الصنف الثالث الرعد وهو صوت هائل يسمع من السحاب وقد اختلف في حقيقته فروي أنه صوت ملكٍ يزجر به السحاب وقيل غير ذلك والنصيرية من الشيعة يزعمون أنه صوت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث زعموا أن مسكنه السحاب وذهبت الفلاسفة إلى أنه دخان يتصاعد من الأرض ويرتفع حتى يتصل بالسحاب ويدخل في تضاعيفه ويبرد فيصير ريحاً في وسط الغيم فيتحرك فيه بشدة فيحصل منه صوت الرعد ويقال منه: رعدت السماء فإذا زاد صوتها قيل ارتجست فإذا زاد قيل: ارزمت ودوت فإذا اشتد قيل: قصفت وقعقت فإذا بلغ النهاية قيل: جلجلت وهدهدت. الصنف الرابع البرق وهو ضوء يرى من جوانب السحاب وقد اختلف فيه أيضاً فروي أن الرعد صوت ملكٍ يزجر به السحاب وأن البرق ضحكه والنصيرية من الشيعة يزعمون أنه ضحك أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أيضاً والفلاسفة يقولون: إنه دخان يرتفع من الأرض حتى يتصل بالسحاب كما تقدم في الرعد ثم تقوى حركته فيشتعل من حرارة الحركة الهواء والدخان فيصير ناراً مضيئة وهو البرق ويقال: ومض البرق إذا لمع لمعاناص قوياً وأومض إذا لمع لمعاناً خفياً فإن أطمع في المطر ثم ظهر أن لا مطر فيه قيل: خلب. الصنف الخامس المطر وهو الماء الذي يخلفه الله تعالى في السحاب ويسوقه إلى حيث يشاء وقد ذهب الحكماء إلى أنه بخار يتصاعد من الأرض أيضاً فيه أو في حرارة الشمس أو فيهما فيجتمع وربما أعانت الريح على جمعه بأن تسوق البعض إلى البعض حتى يتلاحق فإذا انتهى إلى الطبقة الباردة تكاثف وصار ماء وتقاطر كالبخار الذي يتصاعد من القدر وينتهي إلى غطاء القدر وعند أدنى برودة ينعقد قطرات. ثم للمطر زمان يكثر فيه وزمان يقل فيه وقد رتب العرب ذلك على أنواء الكواكب التي هي منازل القمر وجعلوا لكل منها نوءاً ينسب إليه. قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب الأنواء الكبير: كانت العرب تقول: لا بد نؤ كوكب من أن يكون فيه مطر أو ريح أو غيم أو حر أو برد ينسبون ما كان فيه من ذلك إليه وقد اختلف في معنى النوء فذهب إلى أن النوء في اللغة: النهوض وذهب الفراء إلى أنه: السقوط والميلان وذهب آخرون إلى أنه يطلق على النهوض والسقوط جميعاً على أنهم متفقون أن العرب كانت ترى الأمر للسقوط دون الطلوع فمن ذهب إلى أن المراد بالنوء: السقوط يجريه على بابه ومن ذهب إلى أن المراد بالنوء: النهوض يقول: إنما سمي نوء لطلوع الكوكب لا لسقوط الساقط ومنهم من يطلق النوء على السقوط وإن كان موضوعه في اللغة النهوض من باب التفاؤل كما يقال للديغ: سليم وللمهلكة: مفازة على أن بعضهم قد ذهب إلى أن الكوكب ينوء بمعنى ينهض ثم يسقط فإذا سقط فقد مضى نووه ودخل نوء الكوكب الذي بعده. قال أبو حنيفة الدينوري: وهو التأويل المشهور الذي لا ينازع فيه لأن الكوكب إذا سقط النجم الذي بين يديه أطل هو على السقوط وكان أشبه حالاً بحال الناهض. وقد عدها أبو حنيفة ثمانية وعشرين نوءاً بعدد منازل القمر المتقدمة الذكر وذكر أن بعضها أجهر وأشهر من بعض. الأول " نوء الشرطين " وهو ثلاث ليال وليس بمذكور عندهم ولا محمود. قال ابن الأعرابي: يقال إنه ما ناء البطين والدبران أو أحدهما فكان له نظر إلا كاد ذلك العام الثالث " نوء الثريا " وهو خمس ليال وقيل سبع وأثره محمود عندهم مشهور. الرابع " نوء الدبران " وهو ثلاث ليالٍ وقيل ليلة وليس بمحمود عندهم ولم يسمع في أشعارهم له ذكر. الخامس " نوء الهقعة " وهو ست ليال ولا يذكرون نوؤها إلا بنوء الجوزاء التي الهقعة رأسها والجوزاء مذكورة النوء مشهورة. السادس " نوء الذراع المقبوضة " وهي خمس ليال وقال ابن كناسة: ثلاث ليال وهو أول أنواء الأسد وأثره محمود عندهم موصوف وربما نسب إلى المرزم وهو أحد كوكبي الذراع المذكورة وربما نسب إلى الشعرى الغميصاء وهو كوكبها الآخر الذي هو أنور من المرزم وقد ذكر العرب مع الذراع المقبوضة الذراع المبسوطة فتجمعهما معاً في النوء وهما لا ينوءان معاً بل ولا يطلعان معاً لكن لكثرة صحبة إحداهما للأخرى في الذكر واجتماعهما في اسم واحد مع تجاورهما وكونهما عضوي صورة واحدة وهي صورة الأسد. الثامن " نوء النثرة " وهو سبع ليال وله عندهم ذكر مشهور. التاسع " نوء الطرفة " وهو ست ليال ولم يسمع به مفرداً لغلبة الجبهة الآتية الذكر عليه. العاشر " نوء الجبهة " وهو سبع ليال وذكره مشهور لديهم. الثاني عشر " نوء الصرفة " وهو ثلاث ليال ولا يكاد يوجد لها ذكر عندهم في أشعارهم. الثالث عشر " نوء العواء " وهو ليلة واحدة وليس من الأنواء المشهورة. الرابع عشر " نوء السماك الأعزل " وهو أربع ليال وله ذكر مشهرو وكثيراً ما يذكر معه السماك الرامح وليس له نوء معه ولكنهما متقاربان في الطلوع وحينئذ فإفراد السماك الرامح بالنوء خطأ. الخامس عشر نوء الهنعة " وهو ثلاث ليال لا يكاد ينفرد عن نوء الجوزاء. السابع " نوء الذراع المقبوضة " وهي خمس ليال وقال ابن كناسة: ثلاث ليال وهو أول أواء الأسد وأثره محمود عندهم موصوف وربما نسب إلى المرزم وهو أحد كوكبي الذراع المذكورة وربما نسب إلى الشعرى الغميصاء وهو كوكبها الآخر الذي هو أور من المرزم وقد ذكر العرب مع الذراع المقبوضة الذراع المبسوطة فتجمعهما معاً في النوء وهما لا ينوءان معاً بل ولا يطلعان معاً لكن لكثرة صحبة إحداهما للأخرى في الذكر واجتماعهما في اسم واحد مع تجاورهما وكونهما عضوي صورة واحدة وهي صورة الأسد. الثامن " نوء النثرة " وهو سبع ليال وله عندهم ذكر مشهور. التاسع " نوء الطرفة " وهو ست ليال ولم يسمع به مفرداً لغلبة الجبهة الآتية الذكر عليه. الحاي عشر نوء الزبرة ونوءها أربع ليال وقلما تنفرد لغلبة الجبهة عليها أيضاً. الثاني عشر " نوء الصرفة " وهو ثلاث ليال ولا يكاد يوجد لها ذكر عندهم في أشعارهم. الثالث عشر " نوء العواء " وهو ليلة واحدة وليس من الأنواء المشهورة. الرابع عشر " نوء السماك الأعزل " وهو أربع ليال وله ذكر مشهور وكثيراً ما يذكر معه السماك الرامح وليس له نوء معه ولكنهما متقاربان في الطلوع وحينئذ فإفراد السماك الرامح بالنوء خطأ. الخامس عشر " نوء الغفر " وهو ثلاث ليال وقيل ليلة وما بينه وبين نوء الهنعة المتقدمة الذكر من أواء الأسد وهي ثمانية أنواء: أولها الذراع وآخرها نوء السماك وليس له في السماء نظير في كثرة الأنواء. السادس عشر " نوء الزباني " وهو ثلاث ليال. السابع عشر " نوء الإكليل " وهو أربع ليال. الثامن عشر " نوء القلب " وهو ليلة واحدة وليس بمحمود. التاسع عشر " نوء الشولة " وهو ثلاث ليال وقلما يذكر. العشرون " نوء النعائم " وهو ليلة واحدة وليس له ذكر. الثاني والعشرون " نوء سعد الذابح " وهو ليلة واحدة. الرابع والعشرون " نوء سعد السعود وهو ليلة وليس بمحمود ولا مذكور. الخامس والعشرون " نوء سعد الأخبية " وهو ليلة واحدة. السادس والعشرون " نوء الفرغ المقدم " وهو أربع ليال وله ذكر مشهور. السابع والعشرون " نوء الفرغ المؤخر " وهو أربع ليال وله ذكر أيضاً. الثامن والعشرون " نوء الحوت " وهو ليلة واحدة وليس بالمذكور من حيث إنه يغلب عليه ما قبله وما بعده فلا يذكر. قال أبو حنيفة الدينوري: والأيام في هذه الأنواء تابعة لليالي لتقدم الليل عليها قال: وإنما جعلوا لهذه النجوم أنواءً موقوتة وإن لم تكن جميع فصول السنة مظنة الأمطار لأنه ليس منها وقت إلا وقد يكون فيه مطر. وقال ابن قتيبة: أول المطر الوسمي سمي بذلك لأنه يسم الأرض بالنبات ثم الربيع ثم الصيف ثم الحميم. قال الثعالبي عن أبي عمرو: إقبال الشتاء الخريف ثم الوسمي ثم الربيع ثم الصيف ثم الحميم. الصنف السادس الثلج وهو شيء ينزل من الهواء كالقطن المندوف فيقع على الجبال وعلى سطح الأرض فتذيب الشمس منه ما لا قته شدة حرارتها ويبقى في أماكن مخصوصة من أعالي الجبال بالأمكنة الباردة جميع السنة وقد ذكر الحكماء أنه بخار يتصاعد من الأرض إلى الهواء كما يتصاعد المطر فيصيبه برد شديد قبل أن ينعقد قطرات فيتساقط أجزاء لطيفة ثم ينعقد بالأرض إذا نزل إليها ويوصف بشدة البرد وشد البياض وسيأتي الكلام على ما ينقل منه من الشأم إلى ملوك الديار المصرية في خاتمة الكتاب إن شاء الله تعالى. الصنف السابع البرد بفتح الراء وهو حب يسقط من الجو وقد ذكر الحكماء أنه بخار يتصاعد من الأرض أيضاً ويرتفع في الهواء فلا تدركه البرودة حتى يجتمع قطرات ثم تدركه حرارةمن الجوانب فتنهزم برودتها إلى مواطنها فتنعقد وحب هذا البرد متفاوت المقادير منه ما هو قدر الحمص فما دونه ومنه ما هو فوق ذلك ويذكر أنه يقع منه ما هو بقدر بيض الحمام والدجاج. قال الحكماء: ولا يتصور وقوعه إلا في الخريف والربيع ويوصف بما يوصف به الثلج من شدة البرد وشدة البياض ويشبه به أسنان الإنسان الناصعة البياض. الصنف الثامن قوس قزح وهو قوس يظهر في الجو من حمرة وخضرة وقد ورد النهي عن تسميته قوس قزح وتسميته قوس الله لأن قزح اسم للشيطان. قال الحكماء: والسبب فيه أن الهواء إذا صار رطباً بالمطر مع أدنى صقالة صار كالمرآة والمحاذي له إذا كان الشمس في قفاه يرى الشمس في الهواء كما يرى في الشمس المرآة ويشتبك ذلك الضوء بالبخار الرطب فيتولد منه هذا القوس. قال الحكماء: ويكون له ثلاثة ألوان يعنون حمرة بين خضرتين أو خضرة بين حمرتين وربما لا يكون اللون المتوسط ويكون مرتفعاً ارتفاعاً قريباً من الأرض فإن كان قبل الزوال رؤي ذلك القوس في المغرب وإن كان بعد الزوال رؤي في المشرق وإن كانت الشمس في وسط السماء فلا يمكن أن يرى إلا قوساً صغيراً في الشتاء إن اتفق. وفيه تشبيهات للشعراء يأتي ذكرها في آخر المقالة العاشرة إن شاء الله تعالى. الصنف التاسع الهالة وهي الدائرة التي تكون حول القمر. قال الحكماء: والسبب فيها أن الهوء المتوسط بين البصر وبين القمر صقيل رطب فيرى القمر في جزء منه وهو الجزء الذي لو كان فيه مرآة لرؤس القمر فيها ثم الشيء الذي يرى في مرآة من موضع لو كانت فيه مراء كثيرة محيطة بالبصر وكانت موضوعة على تلك النسبة فيرى الشيء في كل واحدة من المرائي فإذا تواصلت المرائي رؤي في الكل فترى حينئذ دائرة. ولأهل النظم والنثر فيها وصف وتشبيه. الصنف العاشر الحر وسلطانه أواخر فصل الربيع وأوائل فصل الصيف والسبب فيه مسامتة الشمس للرؤوس فتشتد ثائرةً في الهواء وجرم الأرض لا سيما الحجاز وما في معناه. وأهل النظم والنثر مولعون بوصف شد حره. الصنف الحادي عشر البرد وسلطانه أواخر الخريف وأوائل فصل الشتاء. وأهل النظم والنثر مكثرون من ذكره ووصفه حتى إنه ربما أفرد بعض الناس ما قيل فيه وفي وصفه بالتصنيف. الصنف الثاني عشر الهباء وهو الذي يحصل من ضوء الشمس عند مقابلتها كوة يدخل منها الضوء فيكون شبه عمود ممتد من الكوة إلى حيث يقع ضوء الشمس من الأرض وفيه أجزاء لطيفة متفاوتة تحس بالنظر دون اللمس وقد شبه الله تعالى به أعمال الكفار في القيامة فقال جل من قائل: و لأهل النظم والنثر أيضاً فيه الوصف والتشبيه.
|